وسط قلق حقوقي.. العنف الأسري يتفاقم ضد النساء في تركيا وكردستان
وسط قلق حقوقي.. العنف الأسري يتفاقم ضد النساء في تركيا وكردستان
تتسبب سياسات الإفلات من العقاب والعنف الممنهج الذي يكرّسه النظام الأبوي في سقوط ضحايا جدد من النساء والأطفال كل شهر في تركيا وكردستان، حيث تتحول المنازل إلى مسارح لجرائم قتل مأساوية تُرتكب غالباً بأيدي أقرب الأشخاص إلى الضحايا، وبينما يتصاعد العنف ضد النساء، تواصل الناشطات نضالهن من أجل الحرية والحياة الكريمة في مواجهة واقع يسوده الخوف والتمييز.
ووثقت وكالة "JINNEWS"، في تقريرها الشهري، اليوم الخميس، حول حوادث العنف ضد النساء خلال شهر أكتوبر الماضي، مقتل 25 امرأة وطفل واحد، إلى جانب وفاة 8 نساء و3 أطفال في ظروف غامضة، ما يعكس استمرار العنف القائم على النوع الاجتماعي وغياب سياسات حكومية فعالة لردع الجناة أو حماية النساء.
نساء يُقتلن في منازلهن
أظهرت بيانات التقرير أن معظم الضحايا قُتلن داخل منازلهن على أيدي أزواجهن أو أقربائهن الذكور، وشملت الحالات نساء متزوجات أو في طور الطلاق أو مطلقات، وأخريات على علاقة بالجناة.
وتكشف هذه الأنماط أن الخطر الأكبر على حياة النساء لا يأتي من الشارع أو الغرباء، بل من داخل محيطهن الأسري ذاته، في ظل نظام اجتماعي يشرعن السيطرة الذكورية ويضع النساء في موقع الخضوع والخوف.
وتوزعت جرائم القتل على نطاق واسع في مختلف المدن التركية، مما يؤكد أن العنف ضد النساء ليس ظاهرة محصورة في منطقة بعينها، بل أزمة وطنية تتغلغل في جميع المستويات الاجتماعية.
وسُجلت حالات في كل من أدرنة، يالوفا، مانيسا، دنيزلي، جناق قلعة، أنقرة، زونغولداك، جانكيري، بولو، أضنة، سيرت، وقوجه إيلي، فيما شهدت قيصري ومرعش حالتين في كل منهما، إضافة إلى خمس حالات في إزمير وأربع في إسطنبول، ما يبرز اتساع رقعة الجريمة وتعدد أنماطها.
نظام أبوي يغذي العنف
ترى ناشطات حقوقيات أن هذا العنف ليس مجرد سلسلة من الجرائم الفردية، بل انعكاس مباشر لبنية اجتماعية تُكرّس دونية المرأة وتحمي الجناة من المساءلة.
وتؤكد منظمات نسوية أن "سياسات الإفلات من العقاب" تشجع الجناة على الاستمرار، إذ غالباً ما يتم التخفيف من الأحكام القضائية أو تبرير الجرائم بذريعة "الشرف" أو "الغيرة الزوجية".
رغم هذا الواقع القاتم، تواصل النساء في تركيا وكردستان نضالهن ضد ما يصفنه بـ"نظام القهر الذكوري"، عبر التظاهر والكتابة والنشاط الحقوقي، مطالبات بإصلاحات قانونية تحمي الضحايا وتضمن العدالة.
أزمة أخلاقية ومجتمعية
تؤكد حركة النساء الكرديات أن "كل امرأة تُقتل هي ضوء يُطفأ في وجه مجتمع يرفض أن يرى معاناة نصفه الآخر"، مضيفةً أن الصمت الرسمي أمام هذه الجرائم هو شكل آخر من أشكال المشاركة فيها.
ويجمع المراقبون على أن تصاعد جرائم قتل النساء في تركيا لم يعد مجرد قضية جنائية، بل أزمة أخلاقية واجتماعية عميقة، تستدعي تحركاً فورياً من الدولة ومنظمات المجتمع المدني، لوقف نزيف الدماء الذي يهدد بنية الأسرة والمجتمع على حد سواء.










